"جمعية المشاريع" تخرق القانون الانتخابي: دعاية انتخابية في مسجد البسطا الفوقا وتربيح البيارتة "منّية" لفّ أمواتهم بـ"كفن"!... (فيديو)

انتخابات ٢٠٢٢ | فتات عياد | Tuesday, May 10, 2022 7:37:18 PM
فتات عياد


فتات عياد-التحري

في وقت أخذت فيه جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية أو ما يعرف بجماعة "الأحباش"، خيار الانفصال عن لائحة الثنائي الشيعي في دائرة بيروت الثانية في الانتخابات النيابية الحالية، معولة على الخرق بعدة حواصل انتخابية عبر لائحتها "لبيروت"، (بمرشحيها عدنان طرابلسي وأحمد دباغ) وعبر مرشحها غير المعلن على لائحة "وحدة بيروت" لتحالف حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني، عبد الله مطرجي، بدأت الجمعية بحملة "تكليف شرعي" لحث مؤيديها لا بل -إكراههم- على منح مرشحيها -الأربعة المعلنين- في الدوائر اللبنانية المشاركين فيها، الصوت التفضيلي، عبر مقاطع صوتية ترهيبية تخبرهم أن "القبر قريب والحساب لمن لا ينتخب"، وصولاً إلى ارتكاب مخالفة فاضحة لقانون الانتخاب نضعها بين يدي هيئة الإشراف، بعد استخدام الجمعية أحد المساجد للترويج لمرشحيها بالأسماء، وهي رسالة وصلت كذلك لـ"آذان" غير ناخبيها، وهي مخالفة تندرج تحت فئة "المحظورات" التي ينصّ عليها القانون الانتخابي!

أكثر من ذلك، قام إمام مسجد البسطا الفوقا التابع للجمعية، جميل الحسيني، بتربيح الأكراد منية "توظيفهم" في مؤسسات الجمعية لشحذ أصواتهم في انتخابات بيروت لصالح المرشح عدنان طرابلسي، لا بل قام كذلك بتربيح الناخبين منية وضع أمواتهم في "كفن" في زمن الكورونا!

وفي التفاصيل، وبناء على تساؤلات تلقاها موقع التحري، من سكان في منطقة الباشورة عن "خطبة جمعة أشبه بدعاية انتخابية علنية"، قام بتتبع الحادثة ليثبت صحة وقوعها، واستطعنا الوصول بعد جهد طويل لفيديو يوثق الحالة، (تشاهدونه في آخر التحقيق أدناه). ولا تقف الحادثة عند مخالفة القانون الانتخابي وحسب، بل إلى مضمون الخطبة المذكورة، والذي أثار امتعاض السكان المحيطين سواء عبر "اجتياح" بيوتهم بحملة انتخابية رغماً عنهم، أو بالنبرة "الصارمة... الآمرة" التي تحدث بها الخطيب، أو حتى "بالتمييز بين الناخبين وتخصيص مساحة للأكراد لاستجداء أصواتهم، وغيرها من أساليب الترغيب والترهيب"!

رحلة البحث عن مصدر الصوت

وظنّ أهالي الباشورة بداية أن صوت خطبة الجمعة التي أدهشهم مضمونها منذ أيام، وهي ترقى إلى "حملة انتخابية" منها إلى "خطبة دينية"، ظنوا بداية أن الصوت آت من جامع البسطة التحتا المحاذي لمنازلهم بطبيعة الحال، والأقرب لهم بأمتار من الجوامع الأخرى، ما استدعى استنكارهم سيما وأن الجامع تابع لدار الفتوى.
وهم الذين عادة ما يعانون من صوت الأناشيد المرتفع الآتي من جامع البسطا التحتا، والتي يذيعها جامع البسطا بشكل شبه يومي، لاحظوا أنّ "الصوت كان -منخفضاً- عن غير عادة يومها مما رفع شكوكهم بمحاولة "تهريب رسالة انتخابية عنوة في المسجد".

وبحثاً من "موقع التحري" عن مصدر الصوت، وتوخياً للمصداقية، خصوصاً أن المساجد التي تتبع لدار الإفتاء تتقيد بتعاليمها، وكذلك لأن هناك مسجدين آخرين يتبعان لجمعية المشاريع في المنطقة، قمنا بالتواصل مع رئيس مصلحة الشؤون الدينية في المديرية العامة للأوقاف الإسلامية الشيخ محمد الخانجي، والذي صُعق لدى سؤاله عن الحادثة، مجيباً "هيدا الشي أكيد منو مظبوط بدي إرجع راجع فيه"، ليقفل معنا الخط قبل أن يعود ويخبرنا بأنه "من سابع المستحيلات يكون حصل هالشي بجامع البسطا التحتا"، مرجحاً ان يكون الصوت عائداً "لخطبة الشيخ جميل الحسيني من جامع البسطا الفوقا التابع للجمعية ويكون الصوت مرتفعا جدا ووصل إلى أهالي الباشورة"، خاتماً حديثه بعد نفيه القاطع لنا بالقول "فيكي تنزلي تسألي المصلين.. بس أكيد الصوت مش من مسجد البسطا التحتا".

وبالفعل، اتصلنا بمختار البسطة التحتا مصباح عيدو، وهو كذلك عضو مجلس إدارة في مسجد البسطا التحتا، ليجيب هو أيضاً "أبدا... أبدا. هيدا الحكي كلو ما صار وأنا كنت بالخطبة"، مضيفا "نحن نحث البيارتة على الانتخاب وعدم المقاطعة لكننا لا نقوم بتسمية لائحة بعينها أو مرشحين بعينهم وهذا من سابع المستحيلات".
ويضحك عيدو لدى جوابه عن سؤال بقي يحيرنا "كيف لأهالي البسطا التحتا أن يسمعوا خطبة البسطة الفوقا، ولا تصلهم خطبة البسطة التحتا؟"، ليجيب بالقول "مش أول مرّة بيرفعوا الصوت كتير وبيوصل لعندنا، ونحنا بالكاد نسمع صوت جامعنا".


ترغيب... ترهيب... تربيح جميلة!

ومع هذا النفي الذي قطع الشك باليقين، بقي علينا إثبات أن مصدر الصوت هو جامع البسطا الفوقا، فاستمرينا بالتقصي حتى تمكنا من الوصول لفيديو يتطابق ومضمون ما أخبرنا بها السكان، ليتبين من دون أدنى شك، أنها هذه هي خطبة الجمعة الموافقة 6 أيار الحالي، موضوع تساؤلات أهالي الباشورة!

"مين يللي كفّنكن وقت الكورونا؟؟"، و"مين اللي كان يزوركن بالمناسبات؟"، وعبارات أخرى منّن فيها الشيخ جميل الحسيني الحاضرين بـ"خدمات" الجمعية، علماً أن بين أنصار المشاريع من ينتقد "ارتفاع أسعار أقساط المدارس التابعة للمشاريع"، وحصرها بـ"المحظيين من أبنائها".
أكثر من ذلك، فإن الخدمات التي يتحدث عنها الشيخ، ويربطها ربطاً مباشراً بضرورة الاقتراع لمرشحي الجمعية، من بوابة رد الجميل، ليست وظيفة النائب في البرلمان، كما ليست "خدمات جمعية المشاريع"، بديلاً عن "الدولة"!
ومع أنّ المقطع الذي حصلنا عليه هو مقطع غير كامل، ولا يوثق هذه العبارات بعينها، لكنها طُبعت في آذان سامعيها، ودوماً من بوابة "نفورهم" سيما وأنهم أكرهوا إكراهاً على الاستماع لحملة انتخابية دخلت بيوتهم دون استئذانهم بأصوات الميكروفات العالية!

من جرّب المُجرَّب

"مرشّحنا في طرابلس طه ناجي فقط، مرشّحنا في الإقليم والشوف المهندس أحمد نجم الدين فقط، وفي بيروت عدنان طرابلسي وأحمد دباغ فقط... وصوتنا التفضيلي لهم". قالها الشيخ جميل الحسيني في خطبة الجمعة في مسجد البسطا الفوقا التابع لجمعية المشاريع، وأضاف عليها "أقول صوتي ليسمع كل الناس، لأن هؤلاء الأربعة جُرّبوا في كل الأحوال، عُرفوا في كل الأوقات الصعبة".

يقول الشيخ كلامه هذا، وهو على حق بأن مرشح الجمعية النائب الحالي عدنان طرابلسي جُرِّب في الدورة النيابية الحالية، وهو جُرِّب في أصعب استحقاق "أخلاقي" ووطني، ألا وهو انفجار مرفأ بيروت يوم 4 آب 2020، ليجدد الولاء لمحور "الممانعة" ويوقع على لائحة العار التي تمنع المحاكمة عن النواب والوزراء المتهمين.
في سياق آخر، يقول أحد المقربين من الجمعية في حديثه للتحري "كان طرابلسي يقف بجانب النائب إيلي الفرزلي عندما أدلى بمؤتمر الرد على دهسه للمودعين خلال تظاهرتهم أمام المجلس، وطرابلسي بقي واقفا ينظر إليه عندما مرّ من أمامه ولم يوجه إليه أي كلمة ولو أن لديه حصانة ووكالة من الشعب".

وبعيداً عن "المُجرَّب"، حاول الحسيني شحذ أصوات أكراد بيروت، لا بل أن يحصر أصوات الأكراد جميعهم لصالح مرشحي المشاريع، فقط لأنهم أكراد، فمن "حضن الأكراد في لبنان وحضن المردلية في لبنان هو الإمام عبد الله الهرري"، أي الشيخ الحبشي مؤسس الجمعية، وكذلك مشايخ الجمعية الكبار "الشيخ نزار حلبي، الشيخ حسام قراقيرة"، ليستخلص الحسيني أنّ من حضن الأكراد في لبنان هم "جمعية المشاريع".
وفي إهانة ترقى لأسلوب الترغيب والترهيب، تابع حديثه "سلوا أبناء وأحفاد الكبار، الحاج رمضان والحاج رمّة.. سلوا كل الأكراد والمردلية في لبنان والخارج... من الذي قام بإبراز مشايخ للأكراد؟ هذه الجمعية!"، ويتابع "من الذي أبرز الشيخ الشيخ عبد الله، الشيخ نزار، الشيخ حسام، جمعية المشاريع... تعرفون رئيس المعهد الشرعي في أميركا؟ كردي! الشيخ سيف الدين الحاج، رؤساء الجمعيات، والمؤسسات العملاقة الضخمة في أوروبا أكراد، وفي لبنان دكاترة في الجامعات وأئمة وخطباء أكراد ومردلية، من الذي أيدهم؟ من احتضنهم؟ هذه الجمعية!".

خرق فاضح

يمنع استخدام المراكز الدينية للدعاية الانتخابية، فكيف بمسجد يقول للناس "صوتوا لهذه اللائحة وللمرشح فلان وعلان؟"، يقول أحد المحامين في حديثه للتحري، مضيفا "هذا أمر يعتبر من أولى المحظورات في القانون الانتخابي" أي أنها "مخالفة فادحة".
وتنص المادة 77 من العقوبات في القانون الانتخابي على ما حرفيته: :لا يجوز استخدام المرافق العامة والدوائر الحكومية والمؤسسات العامة والجامعات والكليات والمعاهد والمدارس الرسمية والخاصة ودور العبادة لأجل إقامة المهرجانات وعقد الاجتماعات واللقاءات الانتخابية او القيام بالدعاية الانتخابية.

نسأل المحامي عن عقوبة هذه المخالفة، لينتقد "القانون الانتخابي الذي لم يلحظ عقوبة لهذه المخالفة، ومن المعروف أنّ القانون تنقصه تعديلات ويحوي شوائب عدّة وهذه إحداها".

في السياق، يلفت إلى أنه "كان يمكن معاقبة المرشحين لو استخدموا منبر الجامع بأنفسهم، ورأينا نماذج لمرشحين للثنائي حركة أمل وحزب الله قاموا بالترويج للوائحهم في حسينيات، لكن، في هذه الحالة، وبما أنه يصعب تثبيت أن الشيخ روّج للمرشحين بإيعاز منهم، (علما ان المسجد والشيخ تابعان لجمعية المشاريع وهذا الأمر بديهي)، لكن يمكن محاسبة الشيخ "وفق القانون الجزائي، وتحديداً وفق المادة 331 من العقوبات".
وتنصّ المادّة 331 على ما حرفيّته "من حاول التأثير في اقتراع أحد اللبنانيين بقصد إفساد نتيجة الانتخاب العام اما بإخافته من ضرر يلحق بشخصه او عيلته او مركزه او ماله او بالعروض والعطايا والوعود يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة وبالغرامة من مئة ألف ليرة إلى مليون ليرة.

سخط على المشاريع في بيروت

ومنذ تحالف الجمعية مع حزب الله وحركة أمل في بيروت، وجزء كبير من أهالي العاصمة ممن يرفضون السلاح غير الشرعي، ومنطق الدويلة، ساخطون على هذا التقرب الذي أفضى لمنح اللائحة عام 2018 حاصلا انتخابياً إضافياً. هذا عدا عن خط الجمعية المقرب من النظام السوري، وما زالت "سواطير" مناصري الجمعية دفاعاً عن نظام الأسد يوم لفظته ثورة الأرز، سقطة مدوية للمشاريع في أعين أهالي بيروت!
وهنا، تجدر الإشارة إلى أنّ النائب عدنان طرابلسي حاز 13 ألف صوت عام 2018، ويعول أهالي بيروت المناهضين للمنظومة على رفع الحاصل الانتخابي لإيقاع الخسارة بلائحة "لبيروت" ومنع المرشح السني عبد الله مطرجي من الخرق على لائحة الثنائي.
كما يعول هؤلاء حتى على بعض أنصار المشاريع ممن يعلون مصلحة بلادهم وأولادهم على "تكليف شرعي" يطلب منهم انتخاب من يعرقلون العدالة ويحمون القتلة!

هذا ولم تجد الجمعية لها شعاراً سوى "عالحلوة والمرّة معك"، واللافت أنّ "الحلوة"، هي وقوف الناخبين مع مرشحي الجمعية لضمان وصولهم للبرلمان، فيما "المرة" هي حضور المرشحين مناسبات العزاء وفتح النائب طرابلسي هاتفه لاستقبال الاتصالات وتكفّل الجمعية بلفّ أموات أهالي بيروت بـ"كفن"، فيما يحتاج اللبنانيون، لمرشحين، يكونون "مشاريع" نواب يشرعون ويتصدون للجرائم المرتكبة بحق الشعب اللبناني، المالية والاقتصادية والأخلاقية، كأن يدفعوا للعدالة لضحايا 4 آب، الذين وضعتهم منظومة آب في كفن!





بحث

الأكثر قراءة