خاص
رصد
أمن وقضاء
أخبار مهمة
اقتصاد
كريبتو
رياضة
فن
"الملاحة الجوية" اللبنانية غير آمنة: 17 مراقباً جوياً فقط لسلامة الطائرات وعون يقبض على مرسوم تعيين البقيّة!
التحري |
فتات عياد
| Wednesday, November 10, 2021 5:03:58 PM
فتات عياد
فتات عياد - التحري
أن تقع طائرتان من أصل خمسة طائرات من طراز سيسنا 172 في لبنان، وأن يراقب مراقبون جويون لا يتعدى عددهم الـ 20، سلامة الطيران المدني 24 ساعة متواصلة في كافة الأجواء اللبنانية بما فيها مطار بيروت، وألا يكترث رئيس المطار فادي الحسن بظروف عمل هؤلاء في أدق المهام خطورة لناحية سلامة الملاحة الجوية، وأن يعتبر في حديث لـ"التحري" هذه المسائل "تقنية" ويمتنع عن بحثها "في الصحافة"، لهي قمة الاستهتار بأرواح اللبنانيين ناهيك عن تجاهل وزير الأشغال الحالي كل اتصالات "التحري" والهروب من التصريح!... أما أن تتشكل لجنة التحقيق في طائرة غوسطا التي أسفرت عن مقتل 3 ضحايا، من أشخاص قد تترتب عليهم مسؤولية في وقوع الحادثة، لهي قمة التقصير والتهاون واللامبالاة!
والمراقبون الجويون في لبنان يفترض أن يكونوا حوالي 100 مراقب، لكن مرسوم تعيين المراقبين الجويين الناجحين في مجلس الخدمة المدنية، والذي وقعه وزير الأشغال السابق يوسف فنيانونوس، عالق لدى رئيس الجمهورية ميشال عون بحجة "غياب المناصفة"، بين المسيحيين والمسلمين، فيما لا يزيد عدد المراقبين الحاليين في المطار عن 17 مراقباً، ما يهدد شروط عملهم لناحية المناوبة، وقدرتهم العالية على التركيز، ويهدد بالتالي سلامة الملاحة الجوية. وينذر بإمكانية وقوع ضحايا آخرين في المستقبل!
وإذا كان المراقبون الجويّون مسؤولون بشكلٍ أساسيّ عن مراقبة الملاحة الجوية، كيف ساهم نقص عديدهم في حادثة غوسطا؟ وما هي خطورة تشكيل لجنة للتحقيق، هي أبعد ما يكون عن إدانة نفسها؟
طائرتان... كارثتان... والآتي أعظم!
وكان فارق الثواني المعدودة كفيلاً بأن يغيّر مجرى طائرة غوسطا، فعائلات كابتن الطائرة جورج شاركيجيان، وجويل موسى وشقيقها هادي، كانوا بغنى عن الفاجعة، لو أن برج المراقبة حذّر كابتن الطائرة من المضي قدماً نحو الجبل بارتفاع 3900 متراً بعد أن تعذرت عليه العودة للخط الذي أتى منه جراء اصطدام طائرته بالغيوم فوق بحر جونية وتعذّر الرؤية.
والرحلة السياحية التي انتهت بكارثة في تموز الماضي، لم تكن رادعاً لتفادي سقوط طائرة أخرى من نفس طراز سيسنا 172 ، وهي "تابعة لـ"نادي الطيران اللبناني"، وقد سقطت في البحر قبالة بلدة حالات بمحافظة جبل لبنان الشهر الماضي، وأسفرت عن وقوع ضحيتين، في حين قيل أن كابتن الطائرة تعرض لسكتة قلبية. مما يطرح علامات استفهام حول دور برج المراقبة في مراقبة الطائرات المدنية، وحول أي شهادات تعطى لمزاولة مهنة كابتن الطائرة، وكذلك حول سلامة أمن المطار، بما أن المراقبين الجويين فيه تابعون لنفس برج المراقبة الذي كان من المفترض أنه يراقب طائرتي كسروان وغوسطا!
استخفاف بالكارثة
وفي لبنان 4 رادارات للطائرات المدنية، في كل منها مراقبان جويان. وعدد المراقبين الجويين كان قرابة الـ100 مراقب، لكنّ هذا الرقم بدأ بالانخفاض مع تقاعد عدد كبير منهم تزامناً مع عدم توظيف الأماكن الشاغرة.
وهذه الشواغر إذ أثّرت بشكل كبير وخطير على عمل المراقبين الجويين، لم تثن المطار على استمرار العمل فيه 24 ساعة، مع ما يعنيه هذا من مداومة المراقبين دوامين لتغطية النقص الحاصل وزيادة ساعات العمل، وهو ليس أمراً مُتعباً وحسب، بل أنه فضيحة بحد ذاتها، فخلال مناوبة المراقب الجوي، يكون في حالة تركيز تام، وما ضرورة وجود مراقبين اثنين في المناوبة نفسها إلا لضمان السيطرة على عمل الملاحة الجوية تفادياً لأي خطأ محتمل، فأي تركيز هذا الذي يقدر عليه مراقب يعمل تحت الضغط النفسي دونما أدنى راحة؟ ويداوم وحده في المناوبة ربما؟!
ومن أبرز مهام المراقب الجوي، مراقبة الطائرات التي تمرّ في سماء لبنان، والتي لا تحطّ في مطاره، وتوجيهها لضمان مسافة آمنة في ما بينها، وتوجيه الطائرات التي تهبط في المطار لدى اقترابها منه، لتحديد الوقت الملائم لهبوطها.
بدوره، يحجّم رئيس مطار بيروت الدولي فادي الحسن المشكلة، ففي حديث لـ"التحري" يقول "إلنا سنين شغالين بالـ high seasons وما أحلانا"، مستغرباً وقوف الصحافة -الدائم- عند هذا الملف، مكتفياً بالتأكيد أنه "عملنا الواجب وأرسلنا مرسوم تعيين المراقبين الجويين وبات بعهدة رئاسة الجمهورية". أما ظروف عمل المراقبين الجويين في المطار 24 ساعة، وفي "المواسم الضاغطة"، فهي أمور "تقنية بحت" وفق قوله ولا يمكنه الحديث عنها للصحافة!
لكن متى كانت أرواح الناس لا تستجدي إجابات شافية؟ ومن قال أن الأمور "التقنية" لا تلقى لها جذوراً سياسية وطائفية ومحاصصاتية في لبنان؟ ودوماً على حساب اللبنانيين؟
وإذا كان تمنع الحسن عن الكلام يأتي من منطلق الخوف على "صيت المطار"، فأيهما أخطر برأيه؟ رفع الصوت لحماية سلامة الملاحة الجوية منعاً لأي إجراءات دولية تمنع الرحلات من وإلى المطار على اعتبار أنه غير آمن لناحية المراقبة؟ أم تمنّع رئيس الجمهورية عن توقيع مرسوم تعيين المراقبين الجويين بحجة حقوق الطوائف، وتهديد أمن جميع الوافدين والمسافرين، وهم -للتذكير- من جميع الطوائف؟
وهل بات توصيف الواقع لرفع الصوت "خطراً" و"ضرراً"؟ أم وضع الرؤوس في التراب كالنعامة، انتظاراً لكوارث مقبلة، هو الخطر والتهديد والاستلشاق بأرواح الناس، وبكل أريحية؟
للجنة تحقيق محايدة
وكما في انفجار مرفأ بيروت يحاول المعنيون بالجريمة طمس الحقيقة والأدلة ويرفضون الامتثال للقضاء ويفخخونه بقرارات قضائية غب الطلب آخرها ما اقترفته يدا القاضي حبيب مزهر، فإن التحقيق بكارثة غوسطا وقع بين يدي لجنة غير محايدة، تضم رئيس مصلحة سلامة الطيران الدكتور عمر قدوحة، ورئيس مصلحة الملاحة الجوية كمال ناصر الدين، والكابتن محمد عزيز وهو خبير في حوادث الطيران، وخبير متعاقد مع مصلحة سلامة الطيران، وخبير من شركة طيران الشرق الأوسط.
وهذه اللجنة تعمل وسط تشكيك بنتائجها من قبل الحقوقيين والمراقبين وأهالي الضحايا، إذ أن مسؤولية الحادثة تدور ضمن ثلاثة احتمالات، وكلها تحمل أطراف هذه اللجنة المنوطين حماية الأمن السلامة الجوية، المسؤولية!
وللإطلاع أكثر على أجواء التحقيق من زاوية نقدية، يقول المحامي والناشط الحقوقي علي عباس في حديث لـ"التحري"، "هناك 3 سيناريوهات محتملة، فإما ما حدث هو خطأ من برج المراقبة أي من المراقب الجوي المناوب، وإما خطأ من المهندسين وأعمال صيانة الطائرة، أو خطأ من كابتن الطائرة أو ما يسمى بالخطأ البشري".
وفي شرح مبسط لما حصل مع طائرة غوسطا يقول "عندما وصلت الطائرة فوق بحر جونية دخلت وسط غيمة ففقد الكابتن الرؤية وطلب برج المراقبة، الذي ردّ عليه بدوره أن بإمكانه الرجوع من الخط نفسه الذي أتى منه دون التعرض لأي مشكلة"، لكن "التكويعة" لم تنجح معه، مما اضطره إلى تغيير وجهته نحو الجبل، وأصبحت الطائرة فوق ارتفاع اعلى بكتير مما هي مخولة الطيران ضمنه.
والخطأ مع برج المراقبة وفق عباس "بدأ عندما رآه المراقب الجوي يدخل منطقة جبلية وارتفاعا عاليا جدا ولم يحذره من ضرورة العودة عن مساره الجوي"، فيما حجّة المراقب هي أنه "كان يكتفي بالرد لإعطاء التعليمات عوض المبادرة".
هنا، يشدد على أنه "بمجرد تواصل الكابتن مع برج المراقبة وسؤاله عن الوجهة، فهو أعطى إشارة إلى حالة طوارئ لم يتجاوب معها المراقب وفق خطورتها، إذ أن مدة تغيير وجهة الكابتن لمسار الطائرة لم تتجاوز الدقيقتين، وهي كانت كافية ربما لمنع الكارثة"، فيما "لم يحاول المراقب الجوي التواصل من تلقاء نفسه مع الكابتن إلا بعدما فقده على الرادار وفق قوله وأصبح ضمن دائرة الخطر".
من جهة ثانية، يتساءل عباس "وحتى إذا افترضنا أن الخطأ في هذه الحادثة كان بشرياً، أي من الكابتن وحده، ألا يحق لنا معرفة وفق أي فحوصات وشروط تعطى شهادات مزاولة الطيران تلك؟ وسط كلام عن الاستخفاف بالشروط وتسهيلها، كأن لا يتم التأكد من تنفيذ 40 ساعة طيران في الجو؟، وألا تدعو هذه الشكوك جميعها، لفتح ملف شروط مزاولة المهنة؟".
في الإطار، تجدر الإشارة إلى أن الكابتن الذي كان يقود طائرة Open sky aviaation التابعة لـ"الميدل ايست" التي سقطت في أحراج غوسطا هو كابتن متخرج جديد. في حين أن الكابتن الذي دربه يدعى ماجد عساف وعليه عدد شكاوى من بينها من قبل النقيب رامي حمزة الذي سبق وحذر من انه " فوضوي ".
وهناك رادارات للطيران المدني في كل رادار منها مراقبان جويان، ويوم الحادثة كان هناك مراقب واحد موجود فيما يقول المسؤولون أنه كان هناك مراقب احتياطي آخر، بانتظار ان تحسم التحقيقات الأمر.
هنا، يسأل عباس "لو كان هناك مراقبان جويان بالفعل، ألم يكن مراقب منهما ليتابع مع الكابتن حالة الطوارئ عوض أن يتركه ذاهباً للموت المحتم؟ ومن المعروف ان نقص عدد المراقبين الجويين وعملهم لساعات طويلة يخفف من انتاجيتهم، ما يعني ان عدم توقيع مرسوم تعيين المراقبين الناجحين يشكل تهديدا جديا لسلامة الملاحة الجوية".
ومن أصل 5 طائرات من نفس الطراز "وقعت طائرتان في غضون شهرين"، يضيف عباس "قيل أن عارضاً صحياً حصل مع كابتن الطائرة التي سقطت في كسروان، فمن يدقق في حالة الكابتن الصحية؟ وكيف تتم صيانة تلك الطائرات؟ عدا عن أهلية قيادتها والتراخيص المعطاة؟ وألا تتطلب هذه الحوادث جميعها، فتح ملف الطيران المدني على كافة المستويات؟".
ومتوقعاً أن "ترمي التحقيقات باللائمة على الكابتن لتبرئة مصلحة سلامة الطيران ومصلحة سلامة الملاحة الجوية من أي مسؤولية بما أن رئيسيهما أعضاء في اللجنة"، يطالب عباس "بلجنة تحقيق محايدة من خارج منظومة المطار تقيّم المسؤولية على أن تتكون من خبراء موثوق بهم ليحكموا على المسؤوليات بتجرد".
المرسوم بيد عون... وسلامة الملاحة الجوية!
في العام 2019، وبعد مرور أكثر من عامين على نجاح المراقبين الجويين وقّع وزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس مرسوم تعيينهم، الذي أحيل إلى مجلس الوزراء، الذي بدوره أحاله إلى رئيس الجمهورية ميشال عون للتوقيع عليه. حيث علق المرسوم لأسباب طائفية!
ويسجن رئيس الجمهورية ميشال عون المرسوم في أحد جوارير القصر، وهو سبق أن احتجز مرسوم تعيين حراس الأحراج للغاية نفسها، ولم تغير حرائق لبنان عام 2019 وعام 2020 من موقفه شيئاً، ولن يغير موت 5 ضحايا جراء سقوط طائرتين موقفه هذا! علماً أن قاعدة "المناصفة" التي يتحجج بها لا تنطبق على إلا على موظفي الفئتين الأولى والثانية!
بدوره، يعلّق عباس بالقول "المسؤولون يعترفون بالنقص الحاصل، لكن السلامة الجوية ليس مزحة، فهل يريدون مثلا منع دول اوروبا رحلات لبنان إليها والعكس، وإغلاق آخر منفذ لنا للخارج؟ وكل هذا بغية تغليب المصالح الضيقة على المصلحة العامة والكفاءة؟
في المحصلة، فإن سلامة الملاحة الجوية في لبنان منوطة بـ17 مراقبا جوياً، تلقى عليهم أعباء 100 مراقب جوي. لكن ماذا يعني سقوط طائرات لدى رئيس جمهورية، يقود سفينة تغرق بمن فيها؟ ومن يراقب، ربّان السفينة؟!
بحث
الأكثر قراءة
1
اشتعلت مباراة "الحكمة والرياضي"... إنتصار بيروت خلط كلّ الأوراق!
2
قبل مواجهة الحكمة والرياضي... إليكم ترتيب بطولة لبنان!
3
قبل ساعات على مباراة الحكمة والرياضي... إليكم ما يجب معرفته!
4
آخر جولة من بطولة لبنان لكرة السلة... إليكم جدول المباريات!
5
نجل المدرب سوبوتيتش إلى الواجهة... وما علاقة النادي الرياضي؟
6
بخمسة أهداف نظيفة... إنهيار المنتخب اللبناني أمام أستراليا!