أبلسة "البرامج الساخرة": معركة تحريض تقودها جريدة المقاومة بحق "الكوميديا اللبنانية"

التحري | مريم مجدولين اللحام | Saturday, November 6, 2021 6:36:36 PM
مريم مجدولين اللحام


مريم مجدولين اللحام - التحري
كاريكاتير وليد شهاب

بقدر الهلع الذي أصاب إحدى الزميلات الصحفيات في جريدة المقاومة، بعد اكتشافها مواهب لبنانية مميزة متوافق على خفة دمها و"هضامتها"، كحسين قاووق وعلي جعفر وأمل طالب وسلام الزعتري فيما تعترض "هي" عليها... لأنها لمعت في برامج على قنوات "ممنوعة في الضاحية"... وكشخصيات كوميدية، قِوامها المغايرة والاختلاف تسخر من "الكنتونات" والتنميط والمناطقية ومن جميع الأحزاب دون استثناء، و"تقرص" من باب الحقيقة، بطريقة لا تتماشى مع أدبيات "بيئة المقاومة"... فإن موجة التجني والتصويب السياسي على الواقع الذي يعكسونه هؤلاء، الموهوبين والموهوبات المتوغلين إلى قلوب اللبنانيين، ومحاولة أبلستهم والتحريض عليهم "بقلمها"... لا تؤكد إلا أن "الضحكة" سلاح فعال ولاذع.
تأمل زميلتنا، التي استنبطت مقالتها من فحو ما كتبه أحد مناصري المقاومة "علي عاطف عساف" عبر فايسبوك، لو كانت تلك البرامج الملفتة كوارث جماليّة، تستند في مُجملها إلى "التطبيل" و"التصنّع" و"التبجيل" لخطها السياسي.

أو أن تقوم على نوع من الكليشيهات البصريّة، المُستندة إلى تأكيد البطولات الوهمية، وتمديد البكائيات، واستعراض النصر والصبر والبصيرة والكرامة. تريدها بعيدة عن الحقيقة... التي لو لم تكن حاضرة في ما تقدمه الشخصيات تلك، لم تكن لتنجح... ولم تكن لتكون محببة وقريبة من مواجع الناس وبعيدة عن الفبركة والأجندات. فلو أن المادة المقدمة غير حقيقية، ما كانت لتؤثر في الناس وتلمس يومياتهم. اللهم إلا لو كان نصف الشعب اللبناني لا يرى الواقع وهي (بمن تمثل) فقط يرونه.

تريد هي برامج كاذبة، لا تعصف بالمكتسبات الهشة لبيئة الممانعة. تريد برامج على شاكلة "مبسووووطة" و"نحن ما مننهار"... شخصيات أكثر انفصاماً وازدواجية بين ما عاشه المجتمع اللبناني، منذ ما قبل الثورة والإنهيار وكورونا، وبين الواقع المُتخيَّل عندها على قنواتها وصحفها، على أن تُقدَّم مثلاً في حلّة بصريّة خادعة مضلّلة ورديئة المضمون.

لا شك في أنّ الزميلة ومن تمثلهم تعيش اليوم داخل رؤية فنيّة مُتصدّعة، تفضل أهازيج الانتصار المركبة والممنتجة ضمن فيديوهات لباخرات المازوت الإيرانية على "سكيتشات" مضحكة مصوّرة بدون إذن رسمي من "الحاج".

يا للهول، تجرأ "من من المفروض أن يكونوا تحت السيطرة" على الاندماج في المجتمع اللبناني بعيداً عن المحاكم الحزبية لرقابة النقد، وسلطة المفاهيم المقاومتية ومَعاجمها بسبب الدور الكبير الذي تلعبه تلك البرامج، بوصفها مساحة آمنة للضحك والمساجلة والمساءلة، بطريقة تلقائية سلسة ومحببة. تجرأوا على تخفيف الاحتقان بين المناطق، والانتقاص من الشحن والتشنّج، تجرأوا على كسر رتابة الحياة السياسية المتصارعة بين يمين ويسار.

صارت لكنة "أمل طالب" مستخدمة من الجميع، وشخصية "علي العلي العلويّة" و"الكوثراني" جزءاً لا يتجزأ من الهوية اللبنانية التي تتفاعل مع الناس خارج آلامهم وجروحهم وفقرهم وهشاشتهم والكره المُختلق بين "علي" والجميع. رصدت شخصية "علي" عطب المنظومة السياسية وأهوالها ومكائدها وأضحى وسيلة للتعبير وتقريب وجهات النظر. فكيف تجرؤ أمل... وكيف يُسمح لقاووق الانتقاد؟!

بحث

الأكثر قراءة