ابراهيم حطيط مُهدّد: "أنا مني من النوع اللي بيبيع أكيد"... "أنا اضطريت إكتب بيان"

التحري | مريم مجدولين اللحام | Saturday, October 16, 2021 4:43:49 AM
مريم مجدولين اللحام


مريم مجدولين اللحام - التحري
كاريكاتير وليد شهاب

لم يكن اختيار ابراهيم حطيط لتهديده من بين جميع أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت اعتباطياً، بل كان محكوماً بخلفية أيديولوجية دوغمائية واضحة. فقد تفادت القوى المهددة اختيار أي شخص آخر "بعيداً عن بيئة الممانعة" بل حرصت أيضاً السيطرة على الحلقة الأضعف بينهم والأسهل أو الناطق باسم الجميع المحترم الوقور الذي يسكن بين أنيابها ومخالبها في منطقة البرج في الضاحية الجنوبية لبيروت... أي المربع الأمني الذي تتحكم به المقاومة الإسلامية في لبنان وحركة أمل تحديداً بشكل يطبق خناق توجيهاتهم في النيل من المعارض والخارج عن السرب والفلك السياسي. وليس في ذلك إلا دليل قاطع على أن أياً من يهدد حطيط، يتميز بدور التسلط والهيمنة وفائض القوة وكسر الناس والديكتاتورية.

أما المراد... فالتأثير على الرأي العام وإنهاكه، إرباك مسار القضاء، تقويض السلم الاجتماعي بين الطوائف وتضليل وعرقلة قضية الوطن وشق صف الأهالي على قاعدة "فرّق تسد" وتأزيم علاقاتهم ببعضهم البعض.

هذا أقل ما يُستخلص من مقطع الفيديو اللافت الذي انتشر للمتحدث باسم ضحايا انفجار مرفأ بيروت ابراهيم حطيط وهو يطالب بتنحية قاضي التحقيق في جريمة انفجار المرفأ طارق البيطار، متهماً إياه للمرة الأولى وبشكل معاكس لآرائه المعهودة بأنّه "مسيّس" ومعلناً تأسيس لجنة مستقلة أخرى للأهالي. ابراهيم حطيط هو الشخص الذي كان في الصفوف الأولى المناصرة للبيطار لا بل هو من "طحش" بتابوت أمام منزل وزير الداخلية السابق للضغط في سبيل تنفيذ قرارات البيطار. هو الذي تملأ صورة البيطار حسابه الإلكتروني على وسائل التواصل الإجتماعي. هو الذي تعرض للضرب المبرح والإساءة لأنه رفض كف يد البيطار ورفض سحب القضية الى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.

واللافت أن حطيط كان يقرأ بياناً مكتوباً بعد مقدمة عاطفية مرتجلة ونظراته لم تكن طبيعية بل تؤكد بطريقة مبطنة أن هناك أشخاص ما خلف الكاميرا عن اليمين واليسار، يقفون على مستوى أعلى منه وأنه كان مكرهاً.

وقد جاء ما جاء في محتوى الفيديو ليتعارض مع كل ما صرّح به قبل ارساله بساعات قليلة لجريدة الأنباء الكويتية. لا بل يتعارض مع سياق بياناته المعتادة والتي لا يطلقها إلا بعد التشاور مع جميع الأهالي، ليُفاجأوا جميعاً بأنه قال ما قاله باسمهم دون العودة إليهم وبشكل فرداني.

ومؤخراً تعرّض حطيط لاعتداء جسدي من عناصر من حرس عين التينة إثر تظاهرة للأهالي مطالبة برفع الحصانات وتعرض لتهديدات في منطقة البرج التي يسكن فيها حتى صار لا يخرج من منزله إلا للضرورة القصوى. والمريب أن حطيط كان مربكاً بالقراءة، وقد بدأ حديثه بكلمات حنونة مبرراً "أنا مني من النوع اللي بيبيع أكيد" ... "أنا اضطريت إكتب بيان"..."حتى ما غلّط أنا وعم بحكي بشي وكون دقيق".... "أنا بعتقد إنه معظمكم إذا مش كلكم عندكم ثقة فيني" وختم بجملة مخيفة "بتمنى الكل يسمعني ويفتّح ذهنه مزبوط"... ثم نظر إلى أحدهم على يساره... بعدها استفاض باستخدام مصطلحات وجمل وردت سابقاً جملة وتفصيلاً في خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وبيانات الحزب والحركة التي صدرت أمس. تبني كامل لوجهة نظر هذه المجموعات المسلّحة وسردياتها وحتى تساؤلاتها. رائحة الحبر ذاتها تلك التي خطّت الخطاب والبيانات والورقة المشبوهة التي أجبر على تلاوة ما جاء فيها.

على أية حال إن مسار حزب الله مع ملف انفجار مرفأ بيروت قد اتخذ منحى التهديد العلني الواضح منذ اللحظة الأولى. تارة عبر وفيق صفا وطورا في صراخ وزير الثقافة في مجلس الوزراء بحضور رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والوزراء وفي احداث أمس. كل التضامن مع ابراهيم حطيط الذي يبدو أنه تحت التهديد. علينا أن نتفهم جميعا كل الظروف التي يمر بها وندعمه من أجل سلامته الشخصية... علينا أن نتفهم وضعه الدقيق كمواطنين يعلمون مدى طغيان وفائض قوة هذا الحزب المسلح الذي لا ترده لا اخلاقيات ولا ادبيات ولا ما شابه ذلك. إن سلامة حطيط فوق كل اعتبار. وهناك من يريد شق صفوف الأهالي، أما الأغرب أن كل حرف قاله حطيط هو نسخة عن كلام مهدده:
1- طلب تنحي بيطار
2- التسييس والاستنسابية
3- مصطلحات: تجار الدم، يريدون الإقتصاص سياسياً، كمين الطيونة
4- الوقوف إلى جانب القضية المحقة لأمل وحزب الله (وهي عكس قضيته الشخصية)
5- إدانة التدخل الأميركي
6- نظرية شركات التأمين
7- فض التجمع الحالي وشق صفوف الأهالي
8- التهجم الشخصي على جعجع وتسمية القوات بالإسم
9- نفس الأسئلة التي طرحها نصرالله
10- الإعتذار من المقاومة ومن السيد
قال... "لم تعد تربطنا أي علاقة مع هذا التجمع"... التجمع نفسه الذي بدأ حديثه المرتجل بالقول "بعزكن وبحبكن كلكن حتى من أختلف معه"... قال... اطلب من جميع "الأهالي الشرفاء" الذين يريدون معرفة الحقيقة واحقاق العدالة أن يلتحقوا بنا ضمن تجمع أهالي شهداء جديد سنعمل على انشائه. الأهالي نفسهم الذي اختار أن يشدد على ثقتهم به وحبه لهم قبل قراءة البيان.

بالمحصلة، نتمنى تحقيق العدالة وتبيان الحقيقة في قضية الوطن بأسرع وقت ممكن كي لا يضطر أي أحد أن يهدد او يُملى عليه أي مساهمة لتضليل وتشويش مسار التحقيق بشكل لا يتماشى مع قناعاته وكي لا يسقط أي ضحية جديدة. ومن اليوم، علينا أن نتوقع أن حطيط تحت إقامة جبرية ومكبّل الصوت والصورة والإرادة وعليه كل ما سيصدر عنه بعد الآن لا يُبنى علية ولا يُعتب على حطيط.. "المهدد عذره معه".
نتمنى السلامة والحماية لجميع أهالي انفجار مرفأ بيروت الذين يعانون الأمرين بين تهديد ووعيد وتشويش واكراه وبين حرقة القلب وخسارتهم الشخصية.



بحث

الأكثر قراءة