استقبال الوافدين إلى لبنان بات "عالشمعة"... مطار بيروت الدولي سائب: "تفضل خال باب بلا غال"

التحري | مريم مجدولين اللحام | Saturday, October 2, 2021 10:14:46 PM
مريم مجدولين اللحام


مريم مجدولين اللحام - التحري

مطار بيروت الدولي بلا كهرباء تماما. سواد حالك. صفر أمان. المياه مقطوعة عن الحمامات العامة التي تم اتخاذ قرار داخلي بإقفالها تماماً منذ أسابيع. رائحة كريهة تملأ المكان، صفر اهتمام. لا أعرف كيف أصف لكم المشهد، تخيلتُ لوهلة أنني في بلد محتلّ وساقط عسكرياً. أرض المطار "وسخة جداً"، لدرجة قررت الكتابة عن الموضوع لأدعو الجمعيات، الـNGO’s، المتطوعين والمتطوعات بتحضير حملة تنظيف المطار، إسوةً بحملات تنظيف الشواطئ... إذ لا بد من أن نتحرك نحن، كمواطنين ومواطنات في ظل كل هذا الفراغ المؤسساتي.
بدون أدنى مبالغة: حدود لبنان سائبة. "تفضل خال باب بلا غال" ليس فقط عبر المسالك غير الشرعية البرية بل أيضاً في المطار الوحيد للوطن أجمع.
واجهة بلادنا: بلا كهرباء، بلا مياه، بلا سكانر، بلا أمان وشروط سلامة... والطريق ممهد للتهريب وغيره "الله يستر"!
مرفأ واحد أهملوه حدّ الإنفجار، ومطار يهملونه اليوم حد القرف!

استقبال الوافدين بات "عالشمعة" وإن أردت التصوير بعد الساعة السادسة مساء: المشهد مظلم لدرجة لا يمكنك فيها رؤية أصابعك حتى. تسمع من كل حدب وصوب "يا ضيعانك يا لبنان" بكل لهجات ولكنات العالم العربي.
ساعات تمر وأجهزة الكومبيوتر والمعدات الإدارية والمشغلة للمطار مُطفأة أو لا تعمل. شلل وتعطيل كامل للمرفق الرسمي الدولي والمعبر الجوي الوحيد في لبنان.

أما المؤسف، أنه وعند انقطاع الكهرباء لا تُعلّق الرحلات بل يستمر العمل كأن شيئاً لم يكن بلا "فحص" أو "سكانر" وبلا حسيب أو رقيب... والمدرّج لا يُغلق. الفحص الروتيني للطائرات "على بركة الله واتكالاً عليه" بدل أن يُتخذ قرار إما بالإصلاح الفوري، أو بتوقف حركة المطار ليلاً كأحد الحلول التي تطلبها المنظمات الدولية المعنية بسلامة الملاحة الجوية والتي تحذر من كارثة مستقبلية على مستوى كارثة المرفأ!

أما الفضيحة الكبرى تتلخص في أن عدد المراقبين الجويين في مطار بيروت لا يتعدى الـ 24 مراقباً فقط يتولون مهمة المراقبة على مدى 24 ساعة ويعملون في ظروف غير آمنة ويخشون الأمرّين، في حين يحتاج المطار إلى ضعف هذا العدد ضماناً للسلامة العامة بخاصة مع كل هذا التدهور السوريالي في وضع المطار والذي لا يبشر إلا بحتمية حدوث حوادث جوية في حال استمرار إهمال وزير الأشغال وقلة احترازه وتقصيره وهذا الأداء المتعثر!
المطار تحوّل إلى "ريغار" كبير ووزير الأشغال علي حمية، يصب إهتمامه بمراقبة "ريغارات" الطرقات الصغيرة!
خطر محدق ينتظرنا يجب عدم تجاهله، ففي معلومات خاصة لـ"التحري" يتبين أن رئيس مصلحة الملاحة الجوية المسؤول عن برج المراقبة قد أطلق فعلياً العديد من المناشدات مطالباً المعنيين مراراً وتكراراً بتعيين مراقبين جدد للحد من نقص الموظفين، مؤكداً أنه مهما حاول تقسيم المسؤوليات لا يمكن إدارة مطار بهذا الشكل.
والملفت أن كل تلك المطالبات "تلفلفت بإتصال" وذلك بالرغم من حادث طائرة غوسطا، أو طائرة التدريب المدنية التابعة لشركة Open sky Aviation والتي سقطت في الأحراج منذ أشهر فقط، ومع بدء أزمة الكهرباء والمازوت في لبنان، إثر اصطدامها بجبل في غوسطا ما أدّى حينها الى مقتل كابتن الطائرة جورج شاركيجيان وشخصين آخرين كانا على متنها، فيما عمد وزير الأشغال العامة والنقل آنذاك إلى تشكيل لجنة للتحقيق بالحادث، وككل التحقيقات إما لم تبصر النور أو وضعت في "جارور جحا" كغيرها من التحقيقات "يا غافل إلك الله"!
من هنا، نطلق صرخة تحذيرية طارئة كي لا تقولوا لنا عند فوات الأوان "لم نكن نعلم" أو "trop tard"!

بحث

الأكثر قراءة