"من كثرة نشاطات نواب الأمة": اطلاق الموقع الالكتروني للمجلس النيابي!

رصد | | Friday, September 3, 2021 8:57:27 PM


فتات عياد - التحري

جاء خبر اطلاق الموقع الالكتروني للمجلس النيابي "خرزة زرقاء" توّجت فائض نشاط نواب الأمة. المجلس الذي إن اجتمع وقّع على عريضة للتنصل من الامتثال للقضاء، وإن لم يجتمع تصارع "من الأب الأقوى" في هذه المنظومة بين المتحازبين المُعطّلين للتشريعات العظيمة. ومن كثرة الجهد والعمل الجاد وسرعة الانترنت وتوفر الكهرباء 24 على 24، ارتأى نواب المجلس إضفاء نوع من التطور والحداثة على الموقع الالكتروني أو صلة الوصل بينهم وبين الناس. مبروك!

وفي لقطة قلما يمكن الاستحصال عليها، وقف النواب المتخاصمون سياسياً، جنباً الى جنب، والضحكة تملأ وجوههم، كمن حقق انجازاً يحتذى به، ليحتفلوا على طريقة "الناس بالناس والقطة بالنفاس".

والنواب هم موظفون بخدمة الوطن والشعب، لكن الشعب في لبنان "موظف عندهم"، فوظيفته تبدأ بانتخابهم، ثم بالتطبيل لهم، ففدائهم "بالروح والدم". فيما لا يتذوق النواب حتى أدنى ذل الشعب ومرارته، مع أنهم مسؤولون ومتسببون في هذا الذل!
فلما مثلا قد يقف نائب في طابور بنزين طالما أن لديه من "يقف عنه"؟ ثم لماذا قد يمنع نائب من الدخول للمستشفى، وهو ملكُ "الوساطة" في هذا المجال؟ ثم لماذا قد ينقطع نائب من المازوت، وهو شريك في تهريب المازوت وتخزينه إلى سوريا؟
ولماذا قد تنقطع "الخدمات" عن نائب في لبنان، بعد أن أصبحت وظيفته هي "الخدمات" من توزيع بونات البنزين وكراتين المونة الى تزفيت الطرقات؟ هذا طبعاً بعد "تزفيت" تعريف فكرة النيابة في لبنان و"تسويد" عيشة اللبنانيين!


أما عن التشريع، المهمة الأساسية للنواب، فحدث ولا حرج، فنواب لبنان نادراً ما يشرّعون، ولا يتحمسون للتشريع إلا عندما تقتضي مصلحتهم ذلك، وكل أزمات لبنان لم تغير في نمط "السلحفاة" النيابي شيئاً، مع فارق بسيط، فهو مجلس "بطيء" تشريعياً و"كسول" إنتاجياً، هو نسخة عن الصرصار في قصيدة الشاعر الفرنسي جان دي لافونتين، "la cigale et la fourmi"، وليس السلحفاة النشيطة التي تسعى للنجاح!
فاشل هو المجلس، وساقط في عين شعبه الذي طالبه صراحة بحل نفسه. كيف لا وعندما يقرر نواب لبنان القيام بالتشريع -عن غير عادة- يكون هذا على حساب اللبنانيين وأموالهم وودائعهم؟ بل وحتى دمائهم؟!

فهؤلاء النواب بغالبيتهم، لا يمثلون الشعب اللبناني، بل يمثلون عليه، فيدعون الحرص على أموالهم ولا يقرون الكابيتل كونترول. يدعون الحرص على العدالة والتحقيق بانفجار مرفأ بيروت، فيما هم يحاولون طمس الحقيقة عبر توقيع ورقة اتهام تحول النواب المستدعين في الملف إلى محاكمة خاصة للرؤساء، عوض رفع الحصانات عنهم وتحويلهم الى المجلس العدلي. وهذا ما فعله نواب عن حزب الله وحركة أمل تيار المستقبل.
وحتى عندما يطعن النواب بالقوانين أمام المجلس الدستوري، يكون هذا بدافع مصالحهم ونهجهم المصلحي، تماماً كما طعن نواب التيار الوطني الحر بقانون الشراء العام، الذي يضمن الشفافية في المناقصات العامة، ويقلص الهدر العام.
وحتى عندما يستقيل او يهدد النواب بالاستقالة، يكون هذا لمصلحتهم، أولا وأخيرا، سواء كورقة ضغط سياسية، أو استجداء الشعبوية، أو إعادة تكوين السلطة بما يضمن لهذه الكتلة أو تلك، تكبير عدد "موظفيها" من النواب!

والمجلس النيابي، عوض مساءلة الحكومات واجتراح القوانين التي تخدم اللبنانيين، هو منصة لتبادل التهم السياسية، وبث الخطابات الشعبوية، والرئيس سعد الحريري ورئيس تكتل لبنان القوي جبران باسيل، وخطابات "الطائف" و"الطوائف"، لخير دليل!
وأبسط القوانين التي تنقذ آلاف الفتيات من براثن التزويج المبكر، تعرقل في لبنان لأن هناك كتلاً تعرقل باسم "الدين"، ويصبح النائب نفسه، "مكبلاً" في كتلته، وتصبح دموع النائب نواب الموسوي في إحدى جلسات اللجان (قبل استقالته) عاجزة عن مواساة ابنته، طالما أن خوفه على ابنته، لم يُترجم في قانون!

ومع أن الأمانة العامة للمجلس النيابي أشارت الى ان "إطلاق الموقع الالكتروني الجديد الخطوة تأتي في اطار استراتيجية التواصل الجديدة للمجلس وتعكس التزامه باعلان الشفافية البرلمانية"، لكن جلسات المجلس ذات التصويت "السري"، تكذّب إرادة المجلس تعزيز الشفافية فيه. ولعل ما قاله النائب سليم سعادة يوماً، لهو أفضل رداً على خطوة المجلس، فاللبنانيون "بيعرفوا إنّو نحن عم نكذب عليهم، ونحن منعرف إنّن هني بيعرفوا إنّو عم نكذب عليهم".
أما وقد جدّد المجلس نفسه على المستوى التقني، لا يسعنا إلا أن نقول له "القالب غالب". وبئس "القالب"، وبئس المجلس الذي "يغلب" شعبه، ولا يكلّ!

بحث

الأكثر قراءة