الورم يكبر وكذلك الألم... وفرص النجاة تضمحل: مرضى السرطان يموتون ببطء في لبنان ولا من يسأل!

رصد | | Thursday, September 2, 2021 3:46:37 PM


فتات عياد - التحري

هي صورة المهندسة اللبنانية بهاء قسطنطين التي التقطها الزميل المُصوّر حسام شبارو، مريضة السرطان، التي تناقلتها مواقع لبنانية وأجنبية، وتناقلها لبنانييوالإغتراب قبل المقيمين، كآخر فصل من فصول انهيار الدولة وانحلال مؤسساتها وتهديد الإنسانية فيها. هزّت صورة قسطنطين كل من رآها، لكنها لم تهز ضمائر المسؤولين اللبنانيين، ربما لأن ضمائرهم "خارج نطاق الخدمة"!
والسرطان مرض "خبيث"، كالمنظومة الخبيثة التي تحكم الجسد اللبناني وتفتك فيه. لكن ليس على المريض، كقسطنطين وغيرها من المرضى الذين يعانون فقداء الدواء في لبنان عيب أو حرج، فاختفاء الدواء وإخفاءه، هو العيب بل هو الجريمة بذاتها، وهو ما فعله محتكرو الأدوية في لبنان، وكرسته سياسات وزارة الصحة الأخيرة لناحية الدعم وغياب المراقبة، فغدا المرضى بلا علاج، يطاردهم خبث المرض وخبث سلطة حاكمة في آن!

وإذا كان المرضى على الصعيد الفردي لا يستطيعون الحصول على ادوية الامراض المستعصية، فماذا عن مرضى المستشفيات الحكومية؟ وهل من انفراجة قريبة للأزمة؟

تفاقم الأزمة

وفي حديث لـ"التحري"، يقول مدير عام مستشفى بيروت الحكومي، الدكتور فراس أبيض، أننا "نؤمن في حالات محدودة، الأدوية غير المتوفرة في وزارة الصحة، والتي تدخل في علاج المرضى من الامراض المستعصية ومن بينها السرطان، لعلاج مرضانا، وذلك عبر مؤسسات تتبرع بعدد من الأدوية، أو في حال كان لدينا مخزون من الأدوية المطلوبة".

لكن الصورة ليست إيجابية بهذا القدر، إذ أن "غالبية مرضانا يتعالجون على نفقة وزارة الصحة ويقدمون طلبات للوزارة بالأدوية المطلوبة لعلاجهم، كالسرطان وغيره من الأمراض المستعصية". والمشكلة اليوم هي في "طول مدة الانتظار ريثما يتوفر الدواء من قبل الوزارة، ما يؤخر العلاج ويعيد حالة المريض إلى الصفر".

ونسأل أبيض منذ متى بدأ انقطاع الدواء عن المرضى الذين يتعالجون في المستشفى، ليوضح أن "انقطاع الأدوية هو أمر يحصل منذ مدة، لكن الفارق أنه في السابق كان الانقطاع ينتج عن التأخير في تأمين دواء من أصل عشرة أدوية، ليؤمن لاحقاً، أما اليوم، فـ5 إلى 7 أدوية من أصل 10 باتت مفقودة لدى الوزارة، فيما فترات الانتظار باتت اطول بكثير مما يعيق الاستشفاء والعلاج، ويدهور صحة المرضى، والمشكلة إلى تفاقم".

انعكاس فقدان الدواء على المرضى

"لا كلام يعبر عن واقع الحال"، بهذه العبارة يحاول ابيض توصيف أزمة فقدان الأدوية المستعصية وانعكاسها على صحة المرضى وحتى على حالة الطبيب المعالج. "ففي النهاية هناك علاقة بين الطبيب والمريض، وكل مستويات التحسن والتقدم بالعلاج، يطيح بها انقطاع الدواء مهدداً فرص الشفاء وحياة المرضى".
أمام هذا الواقع، يشعر أطباء المستشفى الحكومي بالإحباط، لا سيما "أمام حالات الاطفال المصابين بالسرطان، والذين يعيق فقدان الدواء علاجهم، ويزيد عذاباتهم".

وعن الوعود بانفراجة قريبة للأزمة التي تتخطى البعد الطبي إلى الإنساني، يلفت إلى أن "مصرف لبنان بدأ يحول الأموال للشركات المستوردة للدواء وفق ما أعلن وزير الصحة حمد حسن منذ ايام"، ونتوقع انفراجا قريبا لكننا حذرون، والتطبيق وحده سيكشف ما إذا كنا أمام انفراجة حقيقية أم مجرد وعود".

وإذا كان الاحباط يطغى على حالة الاطباء، فكيف بنفسية المرضى الذين ينامون يومياً على أمل ايجاد دواء يجعلهم على السكة الصحيحة لعلاجهم؟
ولعلّ ما قالته قسطنطين بدموعها وحروفها هو الأكثر قدرة على توصيف شعور المرضى في لبنان فـ"أنا كنت إنسانة مليئة بالحياة وأحب أن أعيش. وأتمنى أن يصل صوتي لأحد قادر على مساعدتنا". لكن في دولة المسؤولين غير المسؤولين، لا من يستجيب، ولا من يسمع!

بحث

الأكثر قراءة