أهالي السجناء يناشدون وزير الداخلية القاضي بسام المولوي: متى يُسمح لنا إدخال الأكل والأدوية لأولادنا؟

حقوق الناس | مريم مجدولين اللحام | Wednesday, September 15, 2021 6:48:21 PM
مريم مجدولين اللحام


مريم مجدولين اللحام وفتات عياد - التحري

اليوم وبعد أن سُمّيَ قاضٍ لاستلام زمام أمور وزارة الداخلية، ارتأى أهالي سجناء لبنان رفع الصوت عبر "التحري" عن عدم فعالية رقابة الوزارة على أمر توفير الطعام للسجناء حتى وصل الامر إلى تسمم البعض أو مرضهم ومعاناتهم من إسهال شديد وقيء أو حتى تجويعهم ما يضطرهم إلى شراء أغذية بديلة غير صحية، غير مطبوخة وغالية جداً من الحوانيت. رداءة طعام السجن تصل إلى حد غير مقبول يتعدى سوء التغذية، فحتى الأواني غير نظيفة أما الأصعب أن القانون لا يزال يمنع الأهالي من إدخال الأطعمة إلى أولادهم بذريعة "كورونا"!

"ابني يشتهي الأكل"

نوع جديد من التعذيب فرضه الواقع الإقتصادي، تعذيب في المأكل والمشرب والأدوية. ففي كل مرة يزور أولياء الأمور المساجين، يطلبون منهم أكلاً ومنهم من يحكي لوالدته عن شوقه لرائحة "التبولة والكبة والأرز بالدجاج" التي كانت تحضرها له في زيارات ما قبل جائحة كورونا. فتقول أم علي، وهي أم لمسجون في سجن رومية منذ الـ2015 "عندما أزور ابني يحدثني دائماً عن حاجته لطعامي ويتخايل معي فروجاً أو صحن طبخ "شغل إيديي" بسبب سوء التغذية في المأكولات المقدمة له" وتتابع "دخل إبني إلى السجن كي لا يعيد جرمه، إنما ما يعانيه منذ أكثر من سنة لا سيما بعد الضائقة الاقتصادية، جعلته ناقماً ليس فقط على المؤسسة السجنية، بل على الحياة ككل ويمر في اكتئاب عظيم، لم يُعالج لا إدماناً ولا من آفة الجرم ولا من شيء، رمي في زنانة لا تسعه وترك اليوم بلا طعام مفيد ذو نفع غذائي يُذكر."
ثم تابعت "السجناء والجرذان يتقاسمون وجبات الطعام. نعم الجرذان! لذا قبل أن أطلب العفو عن ابني أريد أن يُسمح لي بإدخال وجبات الطعام له. فتحت المدارس وعادت الأمور شبه طبيعية بالنسبة للجائحة بخاصة لمن تلقى اللقاح، فلماذا لا يسمحون لنا إدخال وجبات الطعام إلى أبنائنا؟ نناشد وزير الداخلية الجديد أن يرأف بنا بخاصة أنه قاضي معروف ويعلم تماماً ما هو الوضع في السجون اللبنانية"

"جحيم انعدام الإنسانية" بهذه الكلمات وصف مؤسس لجنة العفو العام والإنماء دمر المقداد مقار الإحتجاز الرسمية وسجون لبنان لـ"التحري" وأكمل "المياه مقطوعة، والنظافة معدومة والحيطان خضراء يأكلها العفن والإهمال الطبي المتعمّد يتزايد حتى بات من المسلّمات يعاني منه العديد من المساجين، بكل شفافية وصدق تفتقد السجون اللبنانية مقومات الصحة الأساسية كالغذاء الآمن والمفيد والمرافق الصحية والأدوية، ودورات المياه النظيفة والتي تناسب أعداد السجناء، وكذلك الإضاءة والتهوئة، غالبيتها مكتظة وقد أطلقنا العديد من الاستغاثات دون أن نتوصل إلى حل أو نلقى آذاناً مصغية. كثرت الاجتماعات والنتيجة واحدة: السجون لا تليق لدفن الموتى حتى!"

في السجون كما خارجها!

في توصيفه للوضع من الداخل، يقول العميد فارس فارس، المكلف متابعة ملف السجون في وزارة الداخلية لـ"التحري" أن "الوضع في السجون كالوضع في الخارج، فالأزمة الاقتصادية أثرت على ظروف الحياة داخل السجون اللبنانية، تماماً كما أثرت على الحياة خارجها".

وعن تراجع جودة التغذية لدى السجناء، بعد أن أصبحت وجبات السجن التي تحوي اللحمة والدجاج لا تعدّ إلا ثلاث مرات في الشهر كأبعد تقدير، بعد أن كانت تعد مرتين أسبوعياً، يعلق فارس بالقول " كيلو اللحمة كان بـ 15 الف ليرة عندما كانت الـ1500 ليرة تساوي دولاراً واحداً، واليوم تجاوزسعر الكيلو الـ200 ألف ليرة بعدما أصبح سعر صرف الدولار يتأرجح صعودا ونزولا بين الـ16 والـ20 ألف ليرة في السوق السوداء". ويسأل "فكيف لميزانية الطعام المخصص للسجون، وهي بالليرة اللبنانية، ألا تتقلص قدرتها الشرائية عندما يكون سعر اللحمة والدجاج وغيرهما، مسعراً وفق السوق السوداء؟

نسأل فارس "من أين لكم التمويل إذاً" بما أن الميزانية المخصصة لطعام السجون اليوم هي 30 مليار ليرة في السنة، فيجيب "عم نشحد بالعربي المشبرح". فمصادر التمويل عديدة ومنها "الميزانية المخصصة لهذا الهدف، إضافة إلى مساعدات بعض الجمعيات التي تساعدنا في تغطية النقص، وآخرها جمعية تبرعت بكمية 10 طن من الدجاج".
كما أن دار الفتوى والمجلس الشيعي الأعلى والبطريركية المارونية على تواصل معنا، ونحن نرحب بأي مساعدة تقدم لنا المواد الأولية كالأرز والعدس وغيرها، يوضح فارس. مضيفاً "الوضع انعكس على الجميع ولا قدرة لنا على تقديم طعام مليء بالدجاج واللحوم كما في السابق"، سائلاً "هل المواطنون في بيوتهم يأكلون الدجاج واللحوم بالكميات والوتيرة نفسها؟".

الحانوت... وما أدراك ما الحانوت!

الدولة اللبنانية مفلسة، وميزانيتها المخصصة لإطعام السجناء لم تعد تغني من جوع، بعد أن خسرت الليرة أكثر من 90% من قيمتها. ولكن السؤال الذي يسأله أهالي كل سجين اليوم، لماذا نُمنع من إدخال الطعام لأبنائنا!

بدوره، يرد فارس بالقول "نمنع دخول الطعام الجاهز خشية تهريب المخدرات فيه"، وهو كلام يراه أهالي السجناء "تعميماً مجحفاً" لكن فارس يرد "فليقولوا ما يريدون، نحن ملزمون بتطبيق القانون ولا يمكننا الاستنساب بتطبيقه".
في السياق، يشدد على أنه "نستقبل المواد الأولية لمطابخ السجون، كالأرز والعدس." لكن أهالي السجناء لن يتبرعوا بمواد أولية للسجن، بل جل ما يريدونه، إطعام أولادهم، والتعويض عن نقص الغذاء في السجون. ولا يطلب فارس من الأهل جلب المواد الأولية لمطابخ السجون. لكنه يعزو شكواهم من ارتفاع أسعار "الحانوت" -وهو المصدر الوحيد لشراء المواد الجاهزة في السجن- إلى تدهور سعر الليرة وتقلص القدرة الشرائية للمواطنين.

ومع هذا، يقول فارس، "حاولنا تخفيف وطأة الأسعار في الحانوت، فتواصلنا مع وزارة الاقتصاد والمالية وأمّنا الدخان المدعوم"، كما استطهنا تأمين مواد أولية مدعومة بعد التواصل مع وزارة الاقتصاد.

وعن ظروف الصعبة للسجناء في ظل تفشي فيروس كورونا ومتحور دلتا واسع الانتشار، يؤكد "ما عنا مشكل كورونا". وفي سجن رومية "هناك صفر إصابات". ومنذ انتشار الفيروس "قمنا بتخصيص مبنى لحجر المصابين وهو يحظى باشراف وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية". كما أن "القضاء ساعدنا عبر قرار منع الزيارات العائلية إلا عبرعازل وهناك نظارات خاصة بالموقوفين الجدد".

وعن تلقيح السجناء، يقول، "هم من النسيج الاجتماعي اللبناني، وبالتالي، فإن التلقيح قرار اختياري، وكل من ارادوا اخذ اللقاح، حصلوا عليه، وبعضهم اخذ جرعتين منه، ولقحنا السجناء بلقاحي فايزر واسترازينيكا".
وفي ملف نقص أدوية صيدليات السجون، يلفت فارس إلى أننا "نغطيها من صيليات قوى الأمن، إضافة إلى تبرعات من أصدقاء وزير الداخلية محمد فهمي فيما خص الأدوية الطارئة". ونحن موعودون أيضاً "بمساعدة من قبل منظمة الصحة العالمية".

وعن إضراب المحامين وتوقف المحاكمات في سجون تعاني اصلاً من الاكتظاظ، تضاف إليها ظروف حياة لا تليق بمقومات الحياة، كانقطاع الكهرباء الحاد وشح المياه في عز الصيف وغيرها، ينفي فارس توقف المحاكمات بالكامل، "فهناك إخلاءات سبيل تحصل أونلاين، وهناك محكمة في رومية تجري فيها محاكمات، والاسبوع الماضي، تمت تجربة فتح محكمة أونلاين في جبل لبنان".

ويختم حديثه " السجون جزء من المجتمع اللبناني وتأثرت بطبيعة الحال من الأزمة، لكن واجبنا كوزارة داخلية يقتضي بأن نتلافى الانهيار الحاصل وهذا ما نفعله بأقصى جهدنا، كما أن توجيهات الوزير لنا تقتضي بإعطاء الأولوية للسجين قبل عنصر الأمن لناحية الطبابة والغذاء".

بحث

الأكثر قراءة