هل تفوّق بايدن على ترمب في محاصرة الصين خارجياً؟

اقليمي ودولي | | Thursday, July 29, 2021 5:06:15 PM
عربي بوست

أيهما ألحق ضرراً أكبر بالصين: الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن أم سلفه دونالد ترمب؟ يبدو أن "هذا السؤال أصبح مسألة مُلحة داخل الأوساط الدبلوماسية الصينية".

كان ترمب هو الذي وضع الصين في مقدمة جدول أعمال واشنطن، وشن عليها حرباً تجارية شعواء، ونصبها رسمياً كخصم أول لأمريكا، ولكن يبدو أن "الصين قد تترحم على أيام ترمب، لأن بايدن قد استخدم أسلوباً أكثر مكراً، حسبما ورد في تقرير لصحيفة Washington Post الأميركية".

مؤخراً التقت نائبة وزير الخارجية الأميركي، ويندي شيرمان، وهي ثاني أكبر دبلوماسي في الولايات المتحدة، نظراءها الصينيين في مدينة تيانجين الساحلية.

وقبل زيارة شيرمان للصين، قال المسؤولون الأميركيون إن الهدف من هذه الجولة من المناقشات وهي ثاني محادثات مباشرة بين كبار المسؤولين من كلا البلدين منذ تولي الرئيس بايدن منصبه هو وضع "حواجز" حول العلاقة بين الصين والولايات المتحدة المتزايدة الانقسام و"الحفاظ على قنوات الاتصال مفتوحة".

وعند الخروج من الاجتماعات، لم يكن واضحاً تماماً ما هي المؤشِّرات التي وُضِعَت وسط بثٍّ صارخ من المظالم من الطرفين.

في محادثاتٍ مع وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، ونائب وزير الخارجية، شيه فينغ، أوضحت شيرمان مخاوف واشنطن العديدة من بكين، من حملات القمع التي تمارسها في هونغ كونغ وشينجيانغ والتبت، إلى إصرار الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وغيرهما، على أن قراصنة إلكترونيين تابعين للحكومة الصينية اشتركوا في مجموعةٍ واسعة من الأنشطة السيبرانية الخبيثة.

وقالت شيرمان إن "إدارتها رحَّبَت بـ"المنافسة الشديدة" مع الصين، لكنها لم تسعَ إلى الخلاف. وأصرَّت شيرمان أمام الصحفيين بعد الاجتماعات، على أن الصين، التي تشعر بالاستياء من الانتقادات الغربية لسجلها في مجال حقوق الإنسان، لا يمكنها أن تضع نفسها فوق الشبهات".

وقالت لوكالة Associated Press الأميركية: "نتوقَّع من المسؤولين الصينيين أن يفهموا أن حقوق الإنسان ليست مجرد مسألة داخلية، بل التزام عالمي وقَّعوا عليه، بموجب اتفاقيات الأمم المتحدة".

وأثارت شيرمان أيضاً مسألة جائحة كورونا وافتقار الصين الواضح إلى التعاون مع جهود منظمة العالمية لفهم جذور الجائحة، وهي قضيةٌ تُعَدُّ موضوعاً حسَّاساً لبكين ومصدراً للغضب السياسي للمُشرِّعين الأميركيين.

وأفادت الصحفية إيفا دو، بصحيفة Washington Post الأميركية، قائلةً: "في الأسبوع الماضي، أعلنت بكين أنها لن تتعاون مع خطط متابعة أبحاث منظمة الصحة العالمية، في المقابل دَعَمَ بايدن خطة منظمة الصحة العالمية، بينما أمر وكالات الاستخبارات الأمريكية أيضاً بالبحث عن أدلةٍ حول تفسير بدء الجائحة".

كان نظراء شيرمان الصينيون متشدِّدين بالمثل. في الاجتماعات الأولى بألاسكا، في آذار الماضي، شنَّ وانغ هجوماً على النفاق الأميركي المزعوم وإخفاقات الديمقراطية الأميركية.

أصبح اتهام الرئيس الصيني شي جين بينغ لإدارة بايدن الآن بأنها تقوم بتأجيج صراعٍ لأهداف داخلية أميركية.

ونقلت وسائل الإعلام الحكومية عن شي، قوله: "تريد الولايات المتحدة إعادة إشعال الإحساس بالهدف القومي من خلال جعل الصين (عدواً وهمياً)، كما لو أنه بمجرد قمع تنمية الصين ستُحلُّ المشكلات الداخلية والخارجية للولايات المتحدة، وستكون أميركا عظيمةً مرةً أخرى، وأن الهيمنة الأميركية سوف تستمر".

يُعَدُّ تعليق شي ضمنياً بمثابة تقييم لبكين بأنه، عكس ما يزعمه الجمهوريون في واشنطن بشكلٍ روتيني، ليس هناك فرقٌ كبيرٌ بين نهج بايدن الحالي إزاء الصين ونهج سلفه ترمب، حسب تقرير صحيفة "Washington Post".

في الأشهر الستة الأولى لإدارة بايدن، فرضت الإدارة عقوباتٍ على المسؤولين الصينيين المتورِّطين في حملة القمع على هونغ كونغ، وفرضت قيوداً على الصادرات على بعض شركات التكنولوجيا الصينية، ووسَّعَت الإجراءات التي اتُّخِذَت في عهد ترامب لمنع الاستثمار الأميركي في الشركات الصينية التي تتعامل مع الجيش الصيني.

وفي الواقع، يؤكِّد بعض المعلِّقين الصينيين البارزين أن "بكين بوضعٍ أصعب في ظلِّ إدارة بايدن، حيث تحاول الولايات المتحدة بناء جبهةٍ أكثر اتحاداً مع الشركاء الأوروبيين والآسيويين بعد أربع سنوات من أجندة ترمب "أميركا أولاً" المتقلِّبة".

عندما غادرت شيرمان الصين، "توجَّه وزير الخارجية أنتوني بلينكن إلى الهند، وشرع وزير الدفاع لويد أوستن في جولةٍ بجنوب شرقي آسيا".

وقال يان زويتونغ، عميد معهد العلاقات الدولية بجامعة سينغهوا في بكين: "تعمل إدارة بايدن على عزل الصين باستراتيجيةٍ متعدِّدة الأطراف. ولقد تسبَّبَت هذه الاستراتيجية في صعوباتٍ للتنمية الاقتصادية بالصين والضغط على العلاقات الدبلوماسية الصينية أكثر بكثيرٍ من استراتيجية ترمب أحادية الجانب".

ورغم الشجاعة التي يُفترض أن يزود بها منهج "المحارب الذئب" الدبلوماسيين الصينيين، فإنه يبدو أنهم والنخب السياسية الصينية يخسرون معركة العلاقات العامة.

وتوصَّلَت دراسةٌ استقصائية حديثة أجراها مركز بيو للأبحاث، إلى أن الأغلبية في العديد من البلدان في أوروبا وآسيا لديهم وجهات نظر غير مواتية بشكلٍ متزايد للصين، نتيجةً لتأثير جائحة كورونا وكذلك النفور من السياسات الاستبدادية في الصين.

ويشير المحلِّلون إلى أن "النظام الشيوعي داخلياً يواكب نفسه مع التوتُّرات الكامنة المتزايدة. ويعيد الرئيس شي جين بينغ تشكيل النظام السياسي للبلاد وفق صورته، ويفكِّك حدود الولاية الرئاسية ويراكم قوةً شخصيةً هائلة لصالحه, لكن ليست هناك استراتيجيةٌ واضحة لخلافته، وتواجه القيادة الصينية تحدياتٍ متزايدة مع تباطؤ الاقتصاد".

بطبيعة الحال، تسارع النخب في بكين إلى الإشارة إلى أوجه القصور الأميركية. يصفون بصورةٍ روتينيةٍ سلوك الولايات المتحدة بأنه انعكاسٌ لـ"عقلية الحرب الباردة"، وتراجعٌ لدولةٍ لا تعترف بتدهور مكانتها على الصعيد العالمي.

قال لي يوتشنغ، نائب وزير الخارجية الصيني، في مقابلةٍ حديثة مع موقع إخباري صيني: "أعلنت الولايات المتحدة عودتها، لكن العالم تغيَّر. تحتاج الولايات المتحدة إلى النظر في هذه التغيُّرات والتكيُّف معها والتفكير في أخطائها في الماضي وتصحيحها".

بحث

الأكثر قراءة